...وأخيرا بات من المؤكد حسم مخرجات حوار أكتوبر 2016 م بعد دعوة الحكومة لجلسة استثنائية للبرلمان من أجل اقرار مخرجات الحوار أو الدعوة الى استفتاء شعبي لقبولها أو رفضها .
وتأتي دعوة الحكومة للمؤتمر البرلماني بعد أخذ ورد وجدل حاد في الأوساط السياسية و الإعلامية و حتى الشعبية حول مدى جدوائية التعديلات الدستورية بإعتبارها تفتقر الى الشرعية والمصداقية على ضوء مقاطعة كتل عريضة من المعارضة ممثلة في المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة و حزبي التكتل و إناد فضلا عن منظمات وهيئات من المجتمع المدني ، زيادة عن عدم شرعية الغرفة الثانية من البرلمان مجلس الشيوخ ،بينما يرى الموالون للنظام من دائرة الموالاة أن التعديلات الدستورية تعد مكسبا وطنيا وتعزيزا للديمقراطية الوطنية الفتية التي أرساها الرئيس محمد ول عبد العزيز ؟
إذن الرئيس كما هو ديدنه الإقدام و المغامرة و مفاجئة الرأي العام واثق من النصر رغم بلاغات المنتدى العاجز الخامل و أثيره المرعب . الآن وبعد أن أصبح حلم التعديلات الدستورية قاب قوسين أو أدنى من التحقق مادام المؤتمر البرلماني قد عقد ومادامت النتيحة محسومة سلفا رياضيا أغلبية مريحة في الغرفتين التشريعيتين شاركت المعارضة المحاورة أو المقاطعة حتى وإن إنضم اليها بعض الموالاة .
لقد دخلنا حقيقة في أجواء الجمهورية الثالثة و لانكبات تذكر سوى ارهاصات تجمهر مجموعات شبابية أمام البرلمان أو بعض الميادين أو المنعرجات أبرزها جماعة 25 فبراير أو ماني شاري كزوال أو محال تغيير الدستور بالإضافة الى بيانات شفهية أوكتابية و مقابلات مرئية ومسموعة أو مقروءة تصدرها المعارضة بقطبيها المنتدى والتكتل .
لاجديد يذكر وقديم معاد من جانب المعارضة ، بيانات مكررة ،تملؤها حروف التسويف ،سوف ننزل الى الشارع ، سوف نقوم بمظاهرات ، ،نفس الإستراتيجية العقيمة ،المقاطعة السلبية على المعارضة ، الإيجابية على على النظام ،ببسط نفوذه على طول البلاد وعرضها ،كما وقع إبان عهد ول الطايع ، ولئن أدرك حزب تواصل تلك الخطورة و بادر الى المشاركة في الإنتخابات الماضية حرصا منه على اتصال قواعده بالدوائر الرسمية ، ربط رسائل جمهوره الى الحكومة أملا في حل بعض المشاكل البنيوية التي يعاني منها المواطن في المدن والأرياف ،فإن بقية المنتدى لم يكن لها من تأثير البتة سوى غفوة طالت على الجمهور خيبت أمله و آماله في التغيير والبناء والتعمير والتطوير و عدم تفعيل النظام المؤسساتي المدني.
المؤسس الثالث .. والجمهورية الثالثة ...
ثالث ثلاثة ،المختار ول داده المؤسس الأول للجمهورية ، ومعاوية ول سيد احمد الطايع المؤسس الثاني للجمهورية بحكم طول فترته الزمنية ورئيس الجمهورية الثالثة محمد ول عبد العزيز ،على ضوء ثورة البنى التحتية التي أحدثها لتركين الدولة ، وتعزيز القدرات الدفاعية للجيش الوطني من جهة ، ومن جهة أخرى فإن التصديق على مخرجات الحوار يفتح له الباب لإعتلاء كرسي الجمهورية الثالثة و بالتالي التمتع بأصلاحات تخوله البقاء الى مالانهاية .
عبور .. معضلة المعارضة .. والغرب ..
لم تدرك المعارضة وكثير من المراقبين مدلول كلمة " الترشح الى مأمورية ثالثة شأن داخلي " التي أصدرها نواب البرلمان الأوروبي ما يعني أن الرئيس قد يترشح مرة أخرى شأنه في ذلك شأن العديد من القادة الأفارقة الذين ترشحوا لمأمورية ثالثة ورابعة وخامسة وعلى مرأى ومسمع من الأوروبيين والآميريكان ومباركة منهم ، ومن المفارقات أن بعضا من هؤلاء مدعوما من قادة كبار في الأتحاد الاوروبي كما هو الحال مع ادريس ديبي حصن فرنسا و قاعدتها الخلفية في الحرب على الإرهاب والمهاجرين في دول الساحل لتبقى حسابات المعارضة ضعيفة إذا ما عدنا الى نجاحات عزيز في حربه على الإرهاب والقاعدة ، و إذا ما أخذت المعارضة على الغرب دعمه للإنقلاب العسكري المصري عل حساب الرئيس الشرعي محمد مرسي .
لقد دخلت البلاد مرحلة حاسمة من تاريخها بعيد الدعوة الى دورة استثنائية للبرلمان أقر البرلمان التعديلات أو احالها الى الشعب فإن قادم الأيام سيكون حافلا بالأحداث والتطورات.
رهانات المعارضة ..
تراهن المعارضة على الخارج أكثر من زويتين :
1 - المقاطعة الأقتصادية من الدول والمنظمات المانحة للقروض وتمويل المشاريع .
2 - تدويل القضية السياسية ومغازلة الجيش من أجل تغيير النظام ،كبديل عن عجزها للوصول الى مبتغاها و هو نفس الفخ الذي وقعت فيه أكثر من مرة .
من هنا ينبغي على المعارضة أن تدرك حقيقة واحدة هي أن أي خلاف سياسي دول لن ولم ينتهي سريعا فتتحول الدولة من دولة الى لادولة قبائل ، أقاليم ، مناطق ،طوائف ، حركات جهادية أو متطرفة في كل مكان في ليبيا ،وفي سوريا ، وفي العراق ، واليمن ، و مالي وافريقيا الوسطى وجنوب السودان والصومال فهل من دولة جلب لها الغرب السلام والديمقراطية و العدالة ؟
إننا نخشى - كما تخشى - المعارضة على خطورة المجالس المحلية على مستوى تماسك البلاد ووحدتها وعليه فإن مباركة بعض القوى الرادكالية ذات النزعة اﻹنفصالية للمجالس البلدية يثير كثيرا من الخوف والقلق على مستقبل البلد واستقراره .
ولا يعني كذلك أننا نبارك كل شيئ في عهدة الرئيس محمد ول عبد العزيز بل نطالب بالمزيد ونقر ببعض النواقص والتي من أهمها : العدول عن سياسة التمييزالإيجابي التي انتهجها الرئيس بداية مأموريته الأولى واتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء و الإخفاق في التوصل الى وفاق ينهي الأزمة الدستورية مع المعارضة الوازنة هذا دون أن ننسى أو نتناسى تطور جذري في البنى التحتية و حرية الإعلام الى أبعد الحدود مع قصور في التعليم رغم فتح أكاديميات عليا إلا استحداث مدارس اﻹمتياز قلب المعادلة الى شعور مخالف تكريس للإقطاع و سيطرة للطبقة البرجوازية على حساب الطبقات اﻹجتماعية الهشة ناهيك عن ارتفاع الأسعار واﻹصرار على عدم مواكبة انخفاض سعر المحروقات في العالم .
ليست المعارضة هي البديل ولا النظام نزل الى تطلعات الطبقات العمالية والمثقفة إلا أن الإستقرار و الأمن أغلى من كل شيئ حتى وإن كممت الأفواه و خمصت البطون .
محمد ول سيدي