أكاذيب السياسة- فرات نجم

ثلاثاء, 03/05/2019 - 01:11

ﺗﺸﻴﺮ ﻛﻠﻤﺎﺕ ‏« ﺩﻳﻐﻮﻝ ‏» ﺇﻟﻰ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻋﺎﻟﻢ “ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ” ، ﺇﺫ ﺇﻥ “ ﺍﻟﻨﻔﺎﻕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ” ﺗﺠﻠﻰ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﻔﻬﻮﻡ ‏« ﺃﻧﺎ ﻭﺃﻧﺖ ﻧﻜﺴﺐ ‏» ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺷﺎﺭ ﺇﻟﻴﻪ “ ﺩﻳﻐﻮﻝ ” ، ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺃﻥ “ ﺣﻠﺒﺔ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ” ﺗﺮﺳﺦ ﻗﺎﻋﺪﺓ “ ﺇﻣﺎ ﺃﻧﺎ ﻭﺇﻣﺎ ﺃﻧﺖ ” ؛ ﻓﺤﺮﺏ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺗﻘﻮﻝ : ‏« ﺇﺫﺍ ﺃﻧﺎ ﻛﺴﺒﺖ ﻓﺄﻧﺖ ﺍﻟﺨﺎﺳﺮ، ﻭﺇﺫﺍ ﺃﻧﺎ ﺧﺴﺮﺕ ﻓﺄﻧﺖ ﺍﻟﺮﺍﺑﺢ ‏» ؛ ﻭﻫﻲ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺃﻱ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﻭﺃﻱ ﺻﺮﺍﻉ ﻭﻛﻤﺎ ﻳﻘﺎﻝ “ : ﺍﻟﺤﻠﺒﺔ ﻻ ﺗﺘﺴﻊ ﻻﺛﻨﻴﻦ .”
ﻳﺒﺪﻭ ﺃﻥ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﻄﻼﻕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻭﺍﻷﺧﻼﻕ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺠﺮﺩ ﻧﻈﺮﻳﺔ، ﻓﺎﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺗﺮﺗﺪﻱ ﻟﺒﻮﺳﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻀﺎﺩ ﺍﻷﺑﺪﻱ، ﻭﻫﺬﺍ ﺑﺪﺍ ﻭﺍﺿﺤﺎً ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺗﻄﻮﺭﺍﺕ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺔ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﻌﺎﻡ 2011 ﺣﺘﻰ ﺍﻟﻴﻮﻡ .
ﺍﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻤﻨﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﻫﻴﻤﻨﺔ ﺍﻟﻜﺬﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻭﺍﻟﺴﻮﻕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺣﺪّ ﺍﻟﻮﻟﻮﻉ ﺑـ ” ﺍﻟﻜﺬﺏ ﻭﺍﻟﻨﻔﺎﻕ ” ، ﺣﺘﻰ ﺇﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻟﻨﺎﺟﺢ ﺑﺎﺕ ﻳﻌﺮّﻑ ﺑﺄﻧﻪ “ ﻣﻦ ﻳﺘﻘﻦ ﻓﻦ ﺍﻟﻜﺬﺏ ﺑﻤﺨﺘﻠﻒ ﺃﻧﻤﺎﻃﻪ ﻭﺃﺷﻜﺎﻟﻪ .” ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﺃﺳﺒﻐﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﺮﺍﺣﻞ ﺍﻟﺘﻔﺎﻭﺽ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺘﻨﺎﺯﻋﻴﻦ ﺳﻤﺔ “ ﺍﻟﻨﻔﺎﻕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ” ﺑﺎﻣﺘﻴﺎﺯ، ﻭﻫﺬﺍ ﻻ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ ﻣﺮﺍﺣﻞ ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻣﺮّ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮ، ﻭ ” ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ” ﺃﻗﺮﺏ ﺍﻷﻣﺜﻠﺔ . ﻭﺇﺫﺍ ﻣﺮﺭﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻃﺎﻭﻟﺔ ﺍﻟﻤﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻟﺘﻘﻰ ﺣﻮﻟﻬﺎ ﺍﻟﻤﺆﺗﻤﺮﻭﻥ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ ﺍﻟﻤﺎﺿﻴﺔ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻤﻠﻒ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ، ﻭﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺟﺮﺩ ﺑﺴﻴﻂ ﻟﻤﻘﺮﺭﺍﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﻋﻮﺍﻡ ﺍﻟﻤﺎﺿﻴﺔ؛ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻟﻦ ﻧﺠﺪ ﺇﻻ ﻣﺰﻳﺠﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ﻭﺍﻟﻜﺬﺏ .
ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻷﺳﺪ ﺑﺪﻭﺭﻩ ﺗﺒﻨﻰ ﻣﻘﻮﻟﺔ “ ﺟﻮﺯﻳﻒ ﻏﻮﺑﻠﺰ ” ﻭﺯﻳﺮ ﺍﻟﺪﻋﺎﻳﺔ ﺍﻟﻨﺎﺯﻱ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺍﻟﺸﻬﻴﺮﺓ “ ﺍﻛﺬﺏ ﺍﻛﺬﺏ ﺣﺘﻰ ﻳﺼﺪﻗﻚ ﺍﻵﺧﺮﻭﻥ، ﺛﻢ ﺍﻛﺬﺏ ﺃﻛﺜﺮ ﺣﺘﻰ ﺗﺼﺪﻕ ﻧﻔﺴﻚ .” ﻋﻼﻗﺔ ﻣﺘﺒﺎﺩﻟﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻔﺎﻕ، ﺣﻘﻘﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻷﺳﺪ، ﻓﻴﻤﺎ ﻓﺸﻞ “ ﺍﺋﺘﻼﻑ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿﺔ ” ﻭﺳﻘﻂ ﺧﺎﺳﺮﺍً ﻓﻲ ﻣﻴﺰﺍﻥ ﺍﻟﺮﺑﺢ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺧﺮﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻌﺒﺔ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻛﺎﻥ ﺷﺮﻳﻜﺎً ﻭﻓﺘﺢ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻭﺍﺳﻌﺎً ﻟﻠﺘﻄﺮﻑ ﻣﺘﻤﺜﻼً ﺑـ ” ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺩﺍﻋﺶ ” ، ﻭﻫﻴﻤﻨﺔ ﺍﻷﻗﻮﻯ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ، ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺍﻟﻔﻮﺿﻰ ﻟﺼﺎﻟﺢ “ ﺍﻷﺳﺪ ” ﺍﻟﺬﻱ ﺑﺪﺍ ﺃﻥ ﻧﻈﺎﻣﻪ ﻳﻤﺜﻞ “ ﻧﻈﺎﻡ ﺩﻭﻟﺔ .”
ﻋﺴﻜﺮﻳﺎً ﻳﺒﺪﻭ ﺍﻟﻤﺸﻬﺪ ﺃﻛﺜﺮ ﺇﻳﻼﻣﺎً، ﻓﺎﻟﻜﺬﺏ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﺣﻜﺮﺍً ﻋﻠﻰ ﺃﺭﻭﻗﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ، ﺣﻴﺚ ﺗﺤﻮﻝ ﺍﻟﻠﺒﺎﺱ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﺇﻟﻰ ﺇﻣﺎﺭﺓ ﻣﺰﻳﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎﺏ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ _ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺩﻭﻥ ﺷﻚ - ﻣﺎ ﻳﺪﻓﻊ ﻟﻠﻘﻮﻝ ﺑﺄﻥ ﻓﺸﻞ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿﺔ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺔ “- ﺍﻟﻤﻤﺜﻞ ﺍﻟﻤﺒﺘﺪﺉ ﻟﻠﺴﻮﺭﻳﻴﻦ -”ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺣﺘﻤﻴﺔ ﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘﺸﺮﺫﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍﻻﻧﻔﺼﺎﻝ ﻋﻦ ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺳﻘﻮﻁ ﺃﺧﻼﻗﻲ . ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﻔﺘﺮﺽ ﺃﻥ ﺗﺴﺘﺪﻋﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﻭﺟﻮﺩ ﻋﻼﻗﺔ ﺛﻼﺛﻴﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﻭﺍﻷﺧﻼﻕ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ، ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺜﻠﺚ ﺍﻟﻐﺎﺋﺐ ﺟﺰﺋﻴﺎً ﺑﺴﺒﺐ ﻫﻴﻤﻨﺔ ﺍﻟﻮﺻﻮﻟﻴﻴﻦ ﻭﺃﻣﺮﺍﺀ ﺍﻟﺤﺮﻭﺏ .
ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﻴﺔ ﺗﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﺇﻃﺎﺭ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻋﻦ “ ﺍﻟﻜﺬﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ” ﺍﻟﺬﻱ ﻧﻌﻴﺶ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺗﺒﻌﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﺳﻮﺭﻳﺔ، ﺃﻥ ﻣﺴﺎﺭ ﻋﻤﻠﻴﺔ “ ﺧﺪﺍﻉ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ” ﻟﻢ ﺗﻨﺘﻪِ ﺑﻌﺪ . ﺑﻞ ﺗﺆﻛﺪ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻭﻗﺎﻟﻪ “ ﺩﻳﻐﻮﻝ ” ، ﻓﺮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﺘﻀﻠﻴﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻤﺮﺭﻫﺎ ﻛﺬﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﻮﻥ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻭﺇﻥ ﻓﻀﺤﻬﺎ ﺛﻮﺍﺭ ﺳﻮﺭﻳﺔ، ﻟﻜﻦ ﺑﻌﺪ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻔﻀﻴﺤﺔ، ﻭﻫﻨﺎ ﻣﺮﺑﻂ ﺍﻟﻔﺮﺱ، “ ﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻐﻴﺮ؟ .”
ﺍﻟﻜﺬﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﻗﺪﻳﻢ ﺑﺪﺃﻩ “ ﻓﺮﻋﻮﻥ ﻣﺼﺮ ” ، ﺣﻴﻦ ﻗﺎﻝ ﻟﻘﻮﻣﻪ { : ﻣَﺎ ﺃُﺭِﻳﻜُﻢْ ﺇِﻻ ﻣَﺎ ﺃَﺭَﻯ ﻭَﻣَﺎ ﺃَﻫْﺪِﻳﻜُﻢْ ﺇِﻻ ﺳَﺒِﻴﻞَ ﺍﻟﺮَّﺷَﺎﺩِ } ، ﻭﻭﺭﺛﻪ ﺳﻴﺎﺳﻴﻮ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ، ﻭﺭﺍﺣﺖ ﺿﺤﻴﺘﻪ ﺷﻌﻮﺏٌ ﻣﺨﺪﺭﺓ، ﺗﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﺎ ﺍﻟﺴﺎﺳﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺒﺪﺃ { ﻓَﺎﺳْﺘَﺨَﻒَّ ﻗَﻮْﻣَﻪُ ﻓَﺄَﻃَﺎﻋُﻮﻩُ } ، ﻭﺣﻠّﺖ “ ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺬﻫﺒﻴﺔ ” ؛ ﻭﻗﻴﻞ ﻭﺩﺍﻋﺎً ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﻀﺮﺓ، ﻓﻬﻞ ﻳﻌﻘﻞ ﺃﻥ “ ﺇﻳﺮﺍﻥ ” ﺗﻤﺜﻞ ﺛﻮﺭﺓ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ ﺿﺪ ﺍﻟﻈﻠﻢ، ﺃﻡ ﻫﻞ ﻳﻌﻘﻞ ﺃﻥ “ ﻏﻴﺮﻫﺎ ” ﻳﻤﺜﻞ ﻓﻜﺮ ﺍﻹﺳﻼﻡ؟ ﻟﻴﺘﺠﺎﻭﺯ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﻮﻥ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﻠﻪ {ﻭَﺇِﻥَّ ﻫَٰﺬِﻩِ ﺃُﻣَّﺘُﻜُﻢْ ﺃُﻣَّﺔً ﻭَﺍﺣِﺪَﺓً ﻭَﺃَﻧَﺎ ﺭَﺑُّﻜُﻢْ ﻓَﺎﺗَّﻘُﻮﻥِ .} ﻟﻜﻦ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﺎﻝ : )) ﺍﻟﻜﺬﺑﺔ ﻻ ﺗﻌﻴﺶ ﺣﺘﻰ ﺗﺼﺒﺢ ﻋﺠﻮﺯﺍً … (( ﻧﻨﺘﻈﺮ ﺇﺫﺍً