الميثاق..طموحات أمة ..و نكبات قادة- محمد ولد سيدي كاتب صحفي

جمعة, 02/15/2019 - 13:17

الميثاق ..طموحات أمة و نكبات قادة!
كنت من الأقلام التي وجهت سلاحها ضد " الميثاق " عند نشأته لإعتبارات منها أنه سيفتح باب " الشرائحية " - وقد - حصل هذا: فقد ولد حراك " لمعلمين " و تجمع " السونوكى الثقافي " وقبل ذلك " إيرا " و " إفلام " ثم ولد حزب " نداء الوطن "...
بعد ست سنوات على الميثاق الوطني لنيل الحقوق السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية " للحراطين " أدركت أنه ثمة مبررات " لميلاده " كما أدركت الدولة نفسها أخطاءها وبين هذا وذاك يبقى الفشل هو " سيد " الموقف، فشل الدولة، وفشل قادة " الميثاق " معًا !!
السؤال الذي يطرح نفسه هو:
لماذا " تشكل الميثاق " ؟ ألم يفتح باب الشرائحية، ويهدد الكيان؟
قد يقول قائل إن التباينات الإقتصادية والإجتماعية هي سبب ميلاد هكذا حركات - إفلام- إيرا- " الميثاق " - حراك لمعلمين " - مهرجان السونوكي...
بطبيعة الحال إذا صار المجتمع على هذه الوتيرة من بطئ النمو الإقتصادي ستظهر حركات قومجية أخطر من سابقاتها ...فماهي الحلول إذن وكيف يتم إحتواء مثل هكذا حركات أو المواليد الشرائحية قبل فوات الأوان ؟ :
الحلول إقتصادية، ولا غير ، توجيه البرامج التنموية حسب الأولويات، وإتاحة الفرص أمام جميع المواطنين بالتساوي إنطلاقا من مبدأ التكافل الإجتماعي وتطبيق قاعدة الرجل المناسب في المكان المناسب، عندها سيتم القضاء على التباينات الإجتماعية، بالتوزيع العادل للثروة مع قساوة شديدة في محاربة الفساد...
أما التمييز الإيجابي فليس هو أنجع الحلول وإن كان وسيلة ف " نعم " ماهي و إن كانت الحلقة الأولى من حكم الجيش قد إتخذته مطية للحد من هيمنة إحدى المحافظات على المناصب الإدارية فكانت مسابقة دخول السنة الأولى من التعليم الأساسي( concours )هي الشفرة التي تقرب جميع ولايات الوطن من بعضها ورغم سلبية هذا القرار فقد نجح العسكر أو الحكومات على مدى عقود في حرمان آلاف الطلبة من مستقبل واعد في الوقت الذي وفق فيه آلاف آخرين من هنا يكون التمييز الإيجابي في الإمتحانات التوظيفية " للحراطين " مبررا ، أما المناصب الإدارية فهي مهمة هي الأخرى لكنها لا تغير من المشهد في شيء.
السياسة خطط، واستراتيجيات، وإعادة النظر في نجاح أو فشل تلك البرامج و معرفة الإختلالات و تجاوزها خلال عقد أو عقود، فليس بالضرورة أن يكون البلد " غني " بالموارد الطبيعية حتى يزدهر ف دول مثل موريتانيا و الجزائر و نيجيريا و ليبيا وفنزويلا كثيرة الموارد لكنها فشلت في تحقيق التنمية والرفاهية لشعوبها، بينما نجحت دويلة فقيرة بحجم مدينة في تحقيق أكبر معدل للنمو هي سنغفورة في غضون سبع سنوات من 1965 إلى 1972 في عهد رئيس الوزراء الأسبق " لي اكوان " يماثل سنغفورة في التنمية البشرية كوريا الجنوبية وتركيا وماليزيا وحتى كوريا الشمالية و كوبا دول قطعت أشواطا في البحث العلمي ومجالات أخرى؛ أما نحن فمازلنا نحتفل بأبجديات التنمية نقطة صحية أو مدرسة أو بئر إرتوازي ونقارن بإسويسرا وفرنسا.
لقد ساقتني الأقدار أن أحضر مساء الخميس الموافق 14/2/2019 لندوة للميثاق الوطني لنيل الحقوق السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية " للحراطين " و المفارقة أن المتحدثين الرسميين على المنصة من " لحراطين " و غيرهم من المتدخلين الآخرين من نفس الشريحة لم يراعوا مشاعر إخوتهم من " البيظان " وحملواهم كل الويلات رغم أن من بين الشخصيات من هم على المنصة ناهيك عن حضور شخصيات وطنية مهمة من البيظان من شتى الأقطاب السياسية و الحقوقية كالسيدات عيشه بنت اعل والمعلومة بنت الميداح و النقيب أحمدسالم ولد بوحبيني و رئيس المركز المغاربي للدراسات د.ديدي ولد السالك و إعلاميون و نشطاء من حركات مختلفة وممثلون من المجتمع المدني.
البيظان كجزء أو شريحة نافذة أو متنفذة لايتحملون عموما فمنهم المحرومين و الفقراء وقليل منهم المستفيد .
الذي يتحمل كافة المظالم الحكومات المتعاقبة، والذي يملك الحلول الحكومة وحدها وليس المواطنين البسطاء .
فلماذا تنجح دول بلا موارد إقتصادية وبها عشرات القوميات والأديان وتفشل دول ثلاثية القوميات أحادية الديانة غنية بالموارد السبب هو الإرادة السياسية.
إن الظروف التي نشأ فيها الميثاق كانت حركة إيرا فيها هي الديناميك المحرك للساحة السياسية و القوى الأخرى في مخاض عسير وفترة عطاء لا يحسد عليها ولد عبد العزيز تسوية الإرث الإنساني و إنجاز العديد من البرامج التنموية، مياه، طاقة، مشاريع زراعية، نجاح دبلوماسي ... لكن الميثاق ولد ميِّتًا فلا الشعارات التي حملها تحققت ، ولا هو " نفسه " قطب سياسي يمكن تعقد عليه آمال لا أقول شريحة و إنما أقول مجتمعا بكامله فكلمة " جناح " تدل على" الفشل " فندوة الخميس تحت خيمة رئيس نجدت العبيد بوبكر ولد مسعود ناهيك عن جناح الساموري ولد بي و جناح ولد هنضية وجناح ولد صمب وجناح ولد بربص ...
الميثاق ذكرى للشتات أكثر منه كيان سياسي يحمل مشروعا إصلاحيا ورؤية وطنية ثاقبة فذكرى التاسع والعشرين من إبريل نيسان كل سنة" يوم إربيط الروص " فريق من الميثاق في دار الشباب الجديدة، وفريق في المطار القديم، وفريق في دار الشباب القديمة؛ وفريق عند ساحة بن عباس...
إن أي تنظيم سياسي يحتاج الى الوحدة والتماسك و التضحية المشتركة فلعنة الزعامة هي التي أهلكت الحرث والنسل في الأقطار العربية و كادت تزيحها من الوجود.
مركبات الميثاق- الوطني- نيل - الحقوق السياسية- الأقتصادية - الإجتماعية- ""لحراطين "" كلمات براقة ، والإنجازات شكلية فيما يخص الميثاق فهي شكلية وتنم عن خيبة فبدلا من ميثاق واحد أصبح لدينا من المواثيق " للحراطين " ما يساوي عدد المؤسسين ، أما من ناحية استجابة الدولة لمن يسمون أنفسهم أوصياء على لحراطين من قادة وقواد المواثيق فالإنجازات أيضا " شكلية " ولم تغير من المشهد في شيء فمشاريع- اباسك - و أمل - و مثلث الفقر - و وكالة التضامن فكلها لا تسمن ولا تغني من جوع بالمقارنة مع تشعب الحوزة الترابية ، و كثرة آدوابة، و الإرتفاع الجنوني في معدل الولادات، وعدم تعاطي السكان مع التجمعات الريفية المستحدثة نظرا لما فيها من التكاليف وتحسن في البنية التحتية إلا أنها لم تتجاوز أصابع الأيادي فماذا ينفع ذر الحصى في المحيط؟
إن السياسات الناجحة وقاية وحصانة من النزاعات والتفكك والخطابات الأيديولوجية، ولتحقيق الأهداف المنشودة والرفاهية لشعب متعدد الأعراق، متعدد الموارد الأقتصادية ، لا حل إلا بالعدالة الإجتماعية بين المكونات، والعدالة في توزيع الثروة ، وتوجيه المشاريع حسب الأولويات، عندها ستذوب الطبقية، و تذوب سلطة المجتمع التقليدي " المقيد " وينتصر الشعب " للشعب " !