الشباب. من الأنفاق الى قاع البحر- محمد ولد سيدي كاتب صحفي

خميس, 01/17/2019 - 11:22

مضى أحد الملوك في الأزمنة الغابرة فترة طويلة لم ينجب خلالها تزوج الكثير من الحسنوات من كل الأعمار وشاء القدر أن احدى السيدات حملت منه لكن أحيط الأمر بسرية تامة حتى في المناسبات الكبرى لم تظهر فيهم السيدة الأولى ومع مرور الزمن انتشر الخبر العظيم داخل وخارج محيط البلاط وفي يوم من الأيام جاء أحد الحراس الى الملك وهو في حالة مرح فقال له: جلالة الملك لدي خبر عظيم فأشار الملك إليه بالدخول فقال له الملك ماذا وراءك؟ فقال الحارس: يا ؛ يا جلالة الملك المفدى رأيت في المنام أنك رزقت غلاما؛ فماكان من الملك إلا أن قطع رأسه مباشرة...
السر في ذلك أن الحارس خائن و كذاب ولو لم يكن خائنا لما نام ليرى رؤيا ما أنزل الله بها من سلطان...
الأميبا السياسية هي مصدر كل المحن وطن تتفجر أرضه بالمناجم النفسية و مياهه بالثروات الهائلة ومع ذلك لم يجد شبابه بدًا من أن يتفننوا في الجهاد في سبيل لقمة العيش والمغامرات داخل أديم الأنفاق في قلب الصحراء الى بذل الغالي والنفيس من أجل الهجرة نحو الفردوس الأوروبي يصراعون الأمواج العاتية مجردون من كل الروابط الروحية والإجتماعية متناسين الأهل والخلان يحدوهم الأمل وتغمرهم السعادة والنشوة أن أحلامهم قد تكلل بالنجاح؛ ولكن هيهات: ألم ومآسي و كوارث وموت فرادى وجماعات بين من تغلق عليهم أنفاق الطبقات المتحركة داخل نواة الأرض وبين من يتيهون على اليابسة وراء الأماني والشائعات مئات الأميال ؛ مئات الأميال كفيلة بإستقبال عشرات الآلاف من فلذات أكباد الوطن - الغني- الفقير- القليل السكن والسكان...
آه يا وطن ! و آه يا شباب !
الى أسر ضحايا الأنفاق و الهجرة السرية من جميع الولايات والى أولئك الذين ينوون الهجرة ولم تعظهم المآسي المتكررة لهؤلاء الشباب نقول لكم ؛ ونقول لطبقتنا " المتصدرة للمشهد السياسي أن عوامل الهجرة والأسباب التي تقود لها لن تزول قبل تصدير الغاز 2021 ولا قبل 2030 بل ستزداد شكلاً وتتعدد لأن الطبقة السياسية بكل أطيافها لا تعكس إرادتكم ولا طموحاتكم ولا طموحات ما يسمى " بالنخبة المثقفة " لماذا لأن " الخلف المنتظر لقائد" السفينة " هو من يضلل " القائد " لن ننهض؛ لن نتطور؛ لن نتقدم مادامت الأنانية متجذرة فينا حتى النخاع! لن نتقدم مادامت المصالح الضيقة تنتصر على المصالح العليا للوطن !
سيداتي؛ سادتي ؛ ممن ينوون الهجرة من العاطلين عن العمل و من النخبة المثقفة ومن الحاملون لشهادات عليا ومن الشباب الغيورين على سلامة بلدهم من التمزق والإنحراف يبدو أن شهر يناير " هذا " شهر الغيرة على الوطن؛ والإنتصار للوطن و الأعياد الوطنية تأبى أن تتوقف فمسيرة التاسع من يناير " عيدا " وطنيًّا ثانيًّا و الخامس عشر من شهر يناير " عيدًا " أنسانا في التاسع من يناير و" نشكر " الرئيس على هذه الغيرة الوطنية والإخلاص النابع من الوجدان ...وجه الشبه في القصة الآنفة الذكر أن الموقعون على تغيير الدستور لم يكونوا أحرص على الرئيس والوطن من الرئيس نفسه ولو كان ذلك الحرص حقيقيًّا لما طلبوا منه أن يخالف يمينه أمام الله والوطن فطوبى للرئيس على وفائه بالعهد و طوبى لأولئك النواب و والسياسيون والكتاب و المدونين الذين ضحوا من أجل سلامة الوطن وتماسكه .
العيد الثالث من مسلسل أعياد يناير العظيم هو " حل هكذا مجلس يريد أهله العبث بالدستور وصون المكتسبات العامة للأمة والدعوة لإنتخابات رئاسية وتشريعية سابقة لأوانها تشترك كل القوى السياسية معارضة وموالاة ومجتمع مدني في صياغتها عندها ستتوقف قوافل الموت نحو أوروبا و قوافل التنقيب في الفيافي والأنفاق ويعود حملة الشهادات الجامعية والكوادر الى وطنهم غانمون.