دور التربية في تشكيل الوعي السياسي ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﺮ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﻗﺪﻳﻢ ﻭﺟﺪﻳﺪ ﻓﻲ ﺁﻥ ﻣﻌﺎً، ﻷﻧّﻪ ﺣﺪﻳﺚ ﺍﻟﺮﺳﺎﻻﺕ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﻳﺔ ﻭﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﻭﺍﻷﻣﻢ ﻛﻠّﻬﺎ، ﻭﺍﻟﻴﻮﻡ ﻧﺤﻦ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺃﻱ ﻭﻗﺖ ﻣﻀﻰ ﺇﻟﻰ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﻭﻛﺸﻔﻬﺎ ﻭﺗﺤﻠﻴﻠﻬﺎ، ﻓﺎﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﺣﺠﺮ ﺍﻟﺰﺍﻭﻳﺔ ﻓﻲ ﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﺠﻴﻞ، ﻭﺣﺴﺐ ﺍﻟﻤﺪﺧﻼﺕ ﺍﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ ﻭﻋﻤﻠﻴﺎﺗﻬﺎ ﺗﺘﻜﻮّﻥ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﺩ، ﻭﺗﻜﻮﻥ ﻣﺨﺮﺟﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻠﻌﺐ ﺩﻭﺭﺍً ﻓﻲ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﻭﺍﻗﻊ ﺟﺪﻳﺪ ﻳﺆﺛّﺮ ﻓﻲ ﺗﻮﺟّﻬﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻪ . ﻭﻳﻌﻮﺩ ﺍﻟﻜﺴﻞ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﻨﺎﺷﺌﺔ ﺇﻟﻰ ﻋﺪﻡ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﻌﻤﻴﻖ ﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﺲّ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴّﺔ، ﻭﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﺑﺴﻜﻮﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﻭﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭﻫﺎ ﻭﻓﻖ ﻣﻌﺎﻳﻴﺮ ﻭﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﻭﺗﺼﻮﺭﺍﺕ ﺛﺎﺑﺘﺔ، ﻋﻠﻤﺎً ﺃﻥ ﺇﻟﻘﺎﺀ ﻧﻈﺮﺓ ﺇﻟﻰ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻷﺧﻴﺮ، ﻳﺆﻛّﺪ ﺃﻥّ ﺍﻟﻤﺘﺤﻜﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺘﻐﻴّﺮ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺮ ﻭﻓﻖ ﻣﺨﻄﻂ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻠﺪﻭﻝ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺼﻨﻊ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻭﺗﺆﺛّﺮ ﻓﻴﻪ ﻭﺗﻮﺟّﻬﻪ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺫﺍﺗﻪ ﺗﻌﻤﻞ ﺟﺎﻫﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺄﻗﻠﻢ ﻣﻊ ﺍﻟﺘﻐﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻧﻬﺎﺋﻲ، ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﻓﻲ ﻇﻞّ ﺍﺭﺗﻔﺎﻉ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﺼﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﻜﺎﻥ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺸﻬﺪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻟﺪﻭﻟﻲ ﻛﺈﻳﺮﺍﻥ ﻭﺗﺮﻛﻴﺎ ﻭﺍﻟﺒﺮﺍﺯﻳﻞ … ﻭﺍﻟﻤﻨﺎﻫﺞ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻫﻮﺓ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺘﻨﺸﺌﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻨﺸﺌﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ، ﻓﻤﻦ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﻘﺒﻮﻝ ﺍﻗﺘﺤﺎﻡ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺤﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﺑﻔﻠﺴﻔﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺗﺮﺟﻊ ﻟﻠﻘﺮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﺸﺮ، ﻭﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺗﺮﺟﻊ ﻟﻠﻘﺮﻥ ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ، ﻭﻧﺴﻖ ﻗﺮﺍﺭ ﻗﺪ ﻳﺒﺪﻭ ﺩﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺎً، ﻭﻟﻜﻨﻪ ﺻُﻤّﻢ ﻟﻌﺎﻟﻢ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻣﻮﺟﻮﺩﺍً ﺇﻻ ﻓﻲ ﻛﺮﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻱ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺪﻭﻟﻲ، ﻭﻟﻌﻞّ ﻫﺬﻩ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﻟﺘﺨﻠّﻒ ﺑﻨﻴﺎﺗﻨﺎ ﻭﺃﻧﺴﺎﻗﻨﺎ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ، ﻭﻋﺠﺰﻧﺎ ﻋﻦ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺪﻳﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﺎﺑﻠﻨﺎ ﻭﻓﻬﻢ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺼﻒ ﺑﻨﺎ ﻣﻨﺬ ﻋﻘﺪ ﺃﻭ ﺍﺛﻨﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﻭﺗﺰﺩﺍﺩ ﺧﻄﻮﺭﺓ ﺷﻴﺌﺎً ﻓﺸﻴﺌﺎً . ﺇﻥّ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺍﻟﻰ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺘﻔﻮّﻕ ﻭﺍﻟﺮﻳﺎﺩﺓ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺍﻟﻰ ﺗﻔﻮّﻕ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺗﻲ، ﻭﺃﺩﻭﺍﺗﻪ ﺍﻻﻧﻄﻼﻕ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺮﻋﺎﻩ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﻭﺩﻭﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻐﻴﺮ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺧﻠﻖ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﻓﻬﻢ ﻟﺘﻮﺟﻬﺎﺕ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﻭﻫﻨﺪﺳﺔ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻭﻗﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﻭﻣﻴﺰﺍﻥ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﻭﺍﻟﺤﺮﺏ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﻗﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﻼﺟﺌﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﻬﺎﺟﺮﻳﻦ ﻭﺍﻟﺒﻴﺌﺔ، ﻭﻛﻠّﻤﺎ ﺗﻌﻤّﻘﺖ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﺍﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ ﻭﺗﺄﺻّﻠﺖ ﺧﻠﻘﺖ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺗﺪﻓﻊ ﺇﻟﻰ ﺇﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ، ﻭﺗﺴﻬﻢ ﻓﻲ ﺗﻌﻤﻴﻖ ﻭﺗﻄﻮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺍﻟﺠﻤﻌﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻬﺪﻑ ﺇﻟﻰ ﺗﻮﻋﻴﺔ ﺍﻟﻐﺎﻟﺒﻴﺔ ﺍﻟﻌﻈﻤﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻟﺘﻔﻬﻢ ﺣﻘﻮﻗﻬﺎ ﻭﺗﺤﻤﻲ ﺣﺮﻳﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﺮﺩﻳﺔ ﻛﺎﻓﺔ . ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﺿﺢ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﺭﺗﺒﺎﻁ ﻭﺛﻴﻖ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺘﻨﺸﺌﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻨﺸﺌﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ، ﻭﻫﻤﺎ ﻣﺨﺘﻠﻔﺘﺎﻥ ﻣﻦ ﻭﻗﺖ ﻵﺧﺮ، ﻻﺭﺗﺒﺎﻃﻬﻤﺎ ﺑﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺘﻐﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻜﺘﻨﻔﻪ ﻛﻤّﺎً ﻭﻧﻮﻋﺎً، ﻭﻣﺪﻯ ﺍﻟﻨﺠﺎﺡ ﻓﻲ ﺗﻠﻘﻴﻨﻬﺎ ﻟﻠﻨﺎﺷﺌﺔ، ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺨﻄﻄﻴﻦ ﻭﺿﻊ ﺧﻄﻂ ﺩﻗﻴﻘﺔ ﺗﻮﺍﻛﺐ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻓﻲ ﺃﺑﻌﺎﺩﻩ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ . ﺇﻥ ﺍﻟﺘﻨﺸﺌﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﻭﻇﻴﻔﺔ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ، ﺇﻧﻬﺎ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺪﺍﻋﻴﺔ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﺔ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﺔ، ﻭﻫﻲ ﻓﻜﺮﺓ ﻗﺪﻳﻤﺔ ﻭﻟﻴﺴﺖ ﺑﺠﺪﻳﺪﺓ، ﺟﺎﺀﺕ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ ﺃﻓﻜﺎﺭ ﻭﺗﺼﻮﺭﺍﺕ ﻭﺗﻮﺟﻴﻬﺎﺕ، ﺃﺷﺎﺭ « ﺃﻓﻼﻃﻮﻥ » ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺎﺿﻠﺔ ﺇﻟﻰ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻓﻲ ﻛﻮﻧﻪ ﺃﺣﺪ ﺃﻋﻤﺪﺓ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻔﺎﺿﻠﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻨﺸﺌﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ، ﻭﻛﺬﻟﻚ « ﺃﺭﺳﻄﻮ » ﻭﺟﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺇﻋﺪﺍﺩ ﺍﻟﺠﻴﻞ ﻟﻜﻮﻧﻬﺎ ﻣﻦ ﻭﺍﺟﺒﺎﺕ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ . ﻭﻳﻤﻜﻦ ﺍﻹﻓﺎﺩﺓ ﻣﻦ ﺟﻬﻮﺩ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﻔﻜﺮﻳﻦ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻟﺘﻨﺸﺌﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﺟﺎﺀ ﻋﻨﺪ « ﻫﺮﺑﺮﺕ » ﻓﻲ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺩﺭﺍﺳﺘﻪ ﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍﻻﻧﻄﻼﻕ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺪّ ﻣﻦ ﺃﻫﻢّ ﺍﻟﻌﻮﺍﻣﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺆﺛﺮ ﻓﻲ ﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺍﻹﺭﺙ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻭﻣﺎ ﻳﺤﻤﻠﻪ ﻣﻦ ﻗﻴﻢ ﻭﻣﻌﺎﻳﻴﺮ، ﻭﺃﻫﺪﺍﻑ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺮﻳﺪ ﺗﺤﻘﻴﻘﻬﺎ، ﻭﺣﺎﺟﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﻣﺸﻜﻼﺗﻪ . ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻤﺤﺪﺩﺍﺕ ﺍﻵﺗﻴﺔ : ﻣﺤﺪﺩ ﻣﻌﺮﻓﻲ : ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻄﺎﺑﻊ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ . ﻣﺤﺪﺩ ﻋﺎﻃﻔﻲ : ﻭﻳﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻴﻦ ﻭﺍﻟﻘﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ . ﻣﺤﺪﺩ ﺗﻘﻴﻴﻤﻲ : ﻭﻳﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﻭﺍﻟﺘﻘﻴﻴﻤﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺼﺪﺭﻫﺎ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ﻭﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ﻣﻊ ﺗﺴﻠﻴﻤﻨﺎ ﺑﺄﻫﻤﻴﺔ ﺍﻟﺨﺒﺮﺍﺕ ﺍﻟﻤﺒﻜﺮﺓ ﻓﻲ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻋﺎﻣﺔ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﻻ ﻳﻤﻨﻌﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺎﻟﺪﻭﺭ ﺍﻹﻳﺠﺎﺑﻲ ﻟﻠﻔﺮﺩ ﻓﻲ ﺗﻘﺒّﻞ ﻭﺗﻤﺜﻞ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻴﺔ، ﻓﺎﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻻ ﺗﻨﺘﻘﻞ ﻣﻦ ﺟﻴﻞ ﻵﺧﺮ ﻛﻤﺴﻠﻤﺎﺕ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺗﺘﻌﺮﺽ ﻟﻘﺪﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﻳﻌﻜﺲ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ . ﻭﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻄﻮّﺭ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺗﺘﻄﻠّﺐ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﻭﻣﺘﻮﺍﺯﻧﺔ، ﺑﺸﻜﻞ ﺻﺤﻴﺢ ﻭﻗﻮﻳﻢ ﻳﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻌﺎﻳﺶ ﺍﻹﻳﺠﺎﺑﻲ، ﻭﻣﺘﻰ ﻣﺎ ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﻭﺿﻊ ﺧﻄﺔ ﺍﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﺗﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﻷﺑﻨﺎﺋﻬﺎ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺣﺘﻤﺎً ﺳﻮﻑ ﺗﻘﻄﻒ ﺛﻤﺎﺭ ﺍﻟﺘﻘﺪّﻡ ﻭﺍﻟﺘﻄﻮّﺭ ﻭﺍﻻﺯﺩﻫﺎﺭ، ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻳﺜﺒﺖ ﺃﻥ ﺳﻼﺡ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺃﺳﺎﺳﻬﺎ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻣﺘﻌﻠّﻢ ﻣﺜﻘّﻒ، ﻭﻗﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺗﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺩﻭﻝٍ ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺑﻨﺎﺀ ﻧﻬﻀﺘﻬﺎ ﻭﺗﻄﻮﺭﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻭﺍﻟﺒﺤﺚ ﻭﺍﻟﺘﻄﻮﻳﺮ ﻭﻃﺮﺍﺋﻖ ﻧﻘﻞ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ ﺇﻟﻰ ﺃﺑﻨﺎﺋﻬﺎ ﻛﺎﻟﺴﻮﻳﺪ ﻭﻣﺎﻟﻴﺰﻳﺎ . ﻭﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺇﻥّ ﺍﻟﺘﻨﺸﺌﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻏﺮﺿﻴﺔ، ﺗﻬﺪﻑ ﺇﻟﻰ ﻧﻘﻞ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻋﺒﺮ ﺍﻷﺟﻴﺎﻝ، ﻭﺧﻠﻖ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﺃﻭ ﺗﻌﺪﻳﻞ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺴﺎﺋﺪﺓ ﺃﻭ ﺗﻐﻴﻴﺮﻫﺎ، ﻭﺗﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﺳﺎﺳﺎً ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻤﺘﻄﻠﺒﺎﺕ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣّﺔ، ﻭﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺑﻮﺟﻪ ﺧﺎﺹ، ﻓﻬﻲ ﺗﺘﺄﺛّﺮ ﺑﺎﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ﺍﻟﻄﺒﻘﻲ ﻟﻠﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍﻟﻨﺴﻖ ﺍﻷﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻜﺲ ﻣﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﻟﻤﺴﻴﻄﺮﺓ ﻭﺍﻟﺴﺎﺋﺪﺓ، ﻭﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺃﻫﺪﺍﻓﻬﺎ ﻭﺗﻄﻠﻌﺎﺗﻬﺎ . د.مارين سيمون