سنخرج 29 من أبريل:/محمد ولد سيدي

أربعاء, 04/25/2018 - 15:26

سنخرج 29 من أبريل :
وحشية الإنسان ،وجبروته ،وطغيانه ، سلبته عقله ،وجردته من إنسانيته حتى استوحن على نفسه ،وعذبها أشد العذاب .
فإذا كان الإنسان في مرحلة من تدني العقل ، و التفكير ،اتخذ من الطبيعة آلهة ،سابحة في الفضاء ،أو عائمة على الأرض ، أو منحوتة من صخر أو ، مرسومة من شجر .
فإنه في مرحلة الأسطورة هذه ،ذاق   نفسه أبشع ويلات الإهانة ، و التعذيب إلى درجة الخروج عن الآدمية .
و لنعبر هضاب التاريخ  - يا ناشدوا العدالة  - ودعاة السلام -  من ما قبل الكامبري ،الى العصر الحجري ،وصولا إلى حضارة الإغريق ،والرومان ،و فارس ،والصين ،والهند ،و الفراعنة ...وختاما  الحضارة الإسلامية فالقرون الوسطى إلى عصر النهضة .
هيا بنا نحكي ، عن الإستعباد ،عن الهمجية ، في عصر ،تستحيل فيه الهمجية ،و يستحيل فيه الظلم .
29 من ابريل نيسان من كل سنة ،  منذ نصف عقد تطل  علينا مسيرة الميثاق الوطني للحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية ل "شريحة لحراطين " أو  " العبيد " ! الذين ذاقوا أقسى ويلات الإهانة و التركيع ، ربما ما وقع ل " بيتر "  و أضرابه   في الولايات المتحدة بولاية  الميسيسيبي سنة 1863  أشنع من الكوي و الضرب والندوب  والحرق و التشويه و الوشم  والشنق و الإغتصاب و الخطف  ؛ منه في هذه الفيافي و التلال الشاسعة  لم يحرقوا ، ولم يصلبوا ،ولم تكوى  جلودهم  ، إلا أنه  قد توجد  تقاطعات لا تقل في مضمونها  عن تلك قد يكون لحراطين   أستغلوا أيما استغلال في الأعمال الشاقة و الخدمة المنزلية  و الإشتراكية في الشفاء من سلطان الهوى يستوي في نعمة التراث هذه الآباء و الأبناء والإخوة و الأعمام والأخوال ...
سأخرج في يوم 29 ابريل نيسان  لنعبر ولو بالطريقه اليابانية في التعبير عن المطالب والاحتجاجات أننا لا نعاني من عبودية القرون الغابرة ،ولا من عبودية لابرتايد بجنوب افريقيا   ،بل نعاني من   عبوديات أخرى أكثر قساوة و تجذرا داخل المحيط الإجتماعي إنها العبودية العقدية  والمتجسد عمليا في الضمير الجمعوي و تمثل  التباينات   السياسية والإجتماعية والإقتصادية العميقة المبنية على   : التجهيل  واللامبالاة  والبعد عن مراكز القرار والتوازن جوانبها الكبرى  وعليه فإن  حرمان  الكثيرين من أبناء هذه الشريحة من أنعام و أراضين ورثواها  اغتصبت منهم  بمبررات الملكية التاريخية و جشع الإستعباد من طرف الاسياد و الأعيان يعد آخر أطلال الاستعباد والفكر الرجعي والتخلف والتسلط و الحبروتية في كل مناطق البلاد من روصو إلى النعمة فنواذيبو وفق حالات كشفت عنها  منظمات مكافحة الاسترقاق الشرعية أو المحظورة     ومع  وجود هامشا من الحرية والنفوذ والتطور العقلي و قبول الآخر و المشاركة بفعل حراكات اجتماعية و مطالب سياسية و ظروف دولية قاهرة  إلا أن حالات  لا  إنسانية كثيرة كالفقر والجهل والأمراض تعد قواسم مشتركة عند شريحة لحراطين  فضلا عن الإفتقار إلى أبسط الخدمات الأساسية في كثير من التجمعات فيما يعرف إصلاحا ب "  آدواب " .
  ولئن أقرت الحكومات حاضرة أو غائبة عدم وجود العبودية في البلاد -  ولها  الحق في ذلك - مادامت قطعت اشواطا معتبرة  في هذا الصدد يطرح أكثر من سؤال :
1 -      إذا كانت المتواترة  أنكرت وجود هذه الظاهرة المأساوية و أقرت بآثار من مخلفاتها  فلم المحاكم المتخصصة وسن العرائض القانونية الخاصة لهذا الغرض من حين ﻵخر ؟  
سنخرج في يوم  29 من ابريل نيسان : لا للعنف ،ولا للفوضى ، ولا للمطالبة بنزع الحقوق بالقوة ،بل سنخرج مرفوعوا الهامات ، بوجوه شاحبة ،و أعين شاخصة ، و بشعارات مرفوعة ،ولا فتات تخاطب  الآمرون بالإصلاح و النافذون والمتنفذون و الغابنون أنه على هذه الأرض مازالت جراح تخر و اكباد تتحجر ظلما وقلوب تتصدع و أنفس تسعى الى أن تكون وماهي بكائنة ،أنفس تتألم بعدا و تقطع بينها مسافات متنوعة أقلها تمركز أغلب من يهمهم الأمر في أطراف المدن و الأرياف أما التواجد في قلب المدن و أماكن المال والأعمال و هندسة القرار و النفوذ في الأماكن السيادية فتلك خصال لم ينجح فيها إلا القليل من أبناء هذه الشريحة الكادحة .
سنخرج في 29 من ابريل نيسان في الذكرى  الخامسة لنحيي طرفا من أطراف هذه الربوع ،لنحيي جزاء من  أجزاء (لكور + البيظان )  من  هذه البقعة الطاهرة لم يزعزع  الأمن بالإنقلابات ،و  لا بمحاولة الإنقلابات الدموية : 1981  -   1989  -2003 التي كادت أن تعصف بأمن و استقرار البلد .   
لنخرج في 29 من أبريل يدا واحدة جميعا ،ومن كل الأطراف السياسية و الأجناس  ،وبقلوب واحدة ، نؤمن  بالإصلاح  ،ونهدف إلى الإصلاح ،ونسعى  إلى الإصلاح و الرقي والتنمية والإزدهار .
سنخرج في 29 من ابريل لنبلغ رسالة ، للفاعلين السياسيين ،معارضة ،و موالاة ، ومنظمات مجتمع مدني : أن لحراطين  سنة 1960 ليسوا هم لحراطين   2018 كما وكيفا وعليه فالحكمة يجب أن تنتصر.