اتحادات العرب الاشكاليات و الحلول ؟/ محمد ولد سيدي

أربعاء, 12/06/2017 - 07:27

اتحادات العرب ..الإشكاليات و الحلول  ؟
قديما قيل : " إتفق العرب على أن لايتفقوا " ! 
لو أمعنا النظر في المعضلات التي تواجه العرب من المحيط إلى الخليج لوجدنا كل الضروريات الداعمة للوحدة متوفرة داخل الخيمة العربية ( جامعة الدول العربية) : اللغة -الدين - العادات و التقاليد - التاريخ المشترك ،  فلماذا إذن العقبات والنكبات التي تحول دون قيام وحدة في مثل هكذا ظروف مادامت هناك مشاريع وحدة قد تحققت بين أقطار أكثر تعقيدا و أكثر تباينات في أقاليم مجاورة من الكرة الأرضية ؟
مشكلة الاتحادات العربية تكمن أساسا في بنية الدولة أولا و الاختلالات الجوهرية والبنيوية في هياكلها فما لم يتحقق في الكيان الواحد لايمكن تحقيقه على مستوى حجم تكتل إقليمي مضطرب ،فالجامعة العربية نشأت قبل ميلاد السوق الأوروبية المشتركة   سنة  1/1/1958 أي حوالي عقد ونيف على نشأة جامعة الدول العربية في 22/3/1945  في القاهرة  ،المفارقات أن دول أوروبا الغربيةاقتبست الفكرة من نظيراتها العربية ،لكنها اختلفت في النهج و التطبيق عن الدول العربية فدول أوروبا بدؤوا بخطوات تمهيدية حتى وصلوا إلى مبتغاهم السوق الأوروبية وفتح الحدود و التأشيرة الواحدة و الجمركة و فتح المعابر جوا و برا وبحرا وصولا إلى النشيد الواحد و الشعار الواحد و العملة الواحدة  رغم الإختلاف في اللغات و النظم السياسية و حتى الصراعات البينية : ألمانيا - فرنسا -- إنجلترا ...فأين العرب من هذا ؟
أما فيما يخص الاتحادات العربية المختلفة سواء في المشرق أو المغرب فأمراضها واحدة ، و أعراضها كذلك : الاستبداد بالحكم و عدم العدالة الاجتماعية و التخلف و الإقصاء  وغلق الحدود ليبقى المواطن العربي مكبل بالأغلال داخل زنزانات تفتقر إلى أبسط  أنواع من الحياة الكريمة  فاتحاد المغرب العربي بدأ بنهاية مشروع " اتحاد "  و انتهى به إذ لم يتحقق من ذلك الاتحاد إلا " تأجيج " الصراعات البينية بين المغرب و الجزائر خلافا / ألمانيا - فرنسا اللتين تقودان الاتحاد الأوروبي و إسبانيا - انجلترا ،و دول الخليج تحمل نظاما سياسيا واحدا وراثيا سنيا هاهي اليوم في القمة الثامنة والثلاثين من مجلس التعاون الخليجي تحتفل بإنعقاد " قمة"  مشلولة محدودة التمثيل وتعتبرها " نجاحا " وهذا هو محض الفشل و الخيبة ...
الحلول ..
لم تجني أوروبا ثمار وحدتها و قوتها إلا بعد أن ثبتت كل دولة من دولها  جذور المحبة و الإخاء و التفاهم و الاحترام  و إحقاق الحق و المساواة بين مختلف الفئات الاجتماعية و تخلصت من غبار الغبن و البيروقراطية و الهرمية على مستوى السلم الاجتماعي بينما نجد النقيض على مستوى الجانب العربي  وبالتالي فإن غياب نظام سياسي " نقي " مفرز من الشعب ،ومولود من الشعب وللشعب فقط غاب   في الخيمة العربية ذات الاعمدة الثانية والعشرين قد  تكون مصر حاولت ميلاد نظام سياسي يعكس إرادة شعب  فيما يعرف بثورات الربيع العربي لكن تلك المحاولة سرعان ما اجهضت في المهد لتصدق المقولة الشهيرة أن العرب لم يستقلوا بعد و أن من يحكمونهم مجرد موظفون سامون تابعون لوزارات الخارجية للدول الاستعمارية عملاء و أوصياء على شعوبهم يطبقون أجندات الدول الاستعمارية التي لاتخدم بأي حال من الأحوال أهداف و طموحات الشعوب العربية وظهر لنا هذا في أكثر من محاولة إصلاح وقعت في الجزائر خلال تسعينيات القرن الماضي و عودة نظام العسكر في مصر بعد الإطاحة بأول رئيس منتخب ديمقراطيا من خلال الشعب إبان ثورة يناير 2011 .
قصارى القول إن ما هو واقع داخل العائلة الخليجية من تباين في المواقف و الرؤى  ليس إلا حلقة من حلقات الفشل و الإخفاق  التي تجتاح الأقطار العربية من حين ﻵخر تلك العوائل التي تغوص في بحر من المتناقضات الناجمة عن صراعات و حروب إقليمية بل وحتى التراجع عن الثوابت القومية :المقاومة الفلسطينية - المطالبة بالديمقراطية في سوريا - و الانقلاب عليها في مصر - و المشاركة في العدوان على ليبيا  - و حرب اليمن المذهبية ...
إن اتحادات تعتبر انعقاد " قمة " نجاحا ليعتبر قمة في الفشل مادامت تلك القمم  لم تقدم إلا في  الخلافات السياسية و العداء بين شعوب المنطقة  سواء تعلق الامر بجامعة الدول العربية  او اتحاد المغرب العربي او مجلس التعاون الخليجي وعلى ضوء هذه المعطيات فلربما ستشهد الخلافات منحى آخر أكثر تعقيدا على  مستوى  الأنظمة  الملكية التي هي في حالة قد لا تحسد عليها من التضعضع  و الحروب الخافتة بينها وعليه فإن حلم " اتحاد " في أي تجمع إقليمي منبثق من داخل مايسمى جامعة الدول العربية كإتحاد دول المغرب العربي أو مجلس التعاون الخليجي قد تحول إلى " نعش "   و أن الوحدة أو إتحاد تحولا إلى أضغاث أحلام انطلاقا من قمة الكويت الثامنة و الثلاثين لدول مجلس التعاون الخليجي . 

محمد ولد سيدي